Monday, November 25, 2013,07:52
فى الحادية والثلاثين - الثانية عشرة
الجرحُ الذى يصيبُك لموتِ أبيك لا يلتئمُ إلا باللقاء.
Sunday, November 24, 2013,01:12
المُكاتبات - الثانية والعشرون
هكذا، ذاتَ فجأةٍ، وبلا تقدمات، كالواردِ يهجمُ على مريدِ المتصوفةِ، فيغيره من حالٍ إلى حال، ويشيله من هنا؛ ليحطه هناك، هكذا دهمته عبلة!
كان المشهدُ مهيبا بحق، وملحميا بحق: "الرماحُ نواهلٌ" و "بيضُ الهندِ تقطرُ من دمى"، سنابكُ، ومثارُ نقعٍ، وتطاعنٌ، وقرقعات، أجواءٌ لا يوحى أيّها بقريبِ الحضورِ أو حضورِ القريب. لكنها – كالحقيقةِ – برقتْ سنا خاطفا، ما لبث – فى زعمى – أن زال.
كان الواردُ قويا، وكان المريدُ متهيئا بالكُلِّيةِ بعد طولِ مجاهدةٍ لبلوغِ الاتحاد، فانتقل به – آنيا – إلى حالٍ أشبهتِ الفناءَ. أوشك عنترة على الذهولِ عن الحربِ الدائرةِ ونفسِه، راح فى غيابٍ ليس كالغياب، إذ تجلى ثغرُ عبلة فى لمعانِ السيوف، فهَمّ باعتناقِ ما تجلى، غير أن الواردَ لا يطول؛ خاطفٌ فى الحضور، خاطفٌ فى الأفول.
ولقـد ذكرتُكِ والـرمـاحُ نواهـلٌ منى وبيضُ الهندِ تقطرُ من دمى
فوددتُ تقبيلَ السيوفِ لأنها لـمعـــتْ كبــــارقِ ثغــرِكِ المتبســمِ
Monday, November 11, 2013,02:42
كلامٌ قديم .. جديد
الحبّ أن تهبَ نفسَكَ – طوعًا - لآخرَ هو الجنة. آخرَ يهدمُ ما شادَهُ فيك جحيمُ سارترَ ذو الدفءِ الباردِ على مرِّ الأعوام. آخرَ ينتزعُك من ظلماتِ عدميّةِ الجامعةِ ويلقى بك فى رحمِ الإشراق.
الحبّ أن تتعلقَ بصدره لحظةَ البكاء والمكاشفة. أن تدفنَ الوجهَ فى برزخ النهدين فتختلط دمعاتُك بأنهار وديان الأمن. أن تداعبَ الشمسين الراقدتين فى وداعةٍ كطفلٍ يحتمى بأمه من قسوة الأيام. أن تتنهدَ ارتياحا وقد أرضعتْك سكينةَ الأحلام ممزوجةً بربتاتٍ مطَمْئِنَةٍ مطْمَئِنّة.
الحبّ أن تأتيَه عارياً كأنّما لفظتك الحياةُ لتوّك هيوليّا ينشدُ التشكّل. وإذ تتحاضنان (ما أجملَ الكلمة) يتقولبُ كلّ منكما بقالَبِ صاحبِه، فتصير أنت هو، وهوَ أنت، وما فى الـجُبّةِ سواه. أن تلتحفَه ويلتحفَك فينتفض جسداكما عنيفًا فى رقصةِ الاكتمال. أن تطأَه حِسّا حتى حوافِّ الروحِ، ويطأَكَ روحًا حتى حوافِّ الحسِّ، فتكتشفانِ التصوفَ مكسوّا بعرقِ الإبطين .. ويسرى ماءُ الحياة.
Thursday, November 07, 2013,00:34
فى الحادية والثلاثين - الحادية عشرة
كان علىّ فى صفه الثالث من المرحلة الإعدادية، ولأكون صريحا بلا تجمّل، أعترف إننى ما كنت أحب هذا الولد؛ لم يكن يعيش عمره على الإطلاق؛ كان يحب لعب أدوار الزعامة والمَعْلمة، فيتحدث فى أمور لا يتحدث (أو بالأحرى لا ينبغى أن يتحدث) فيها من يكونون فى مثل هذا السن؛ لا لشىء إلا لأنها قاتلةٌ لطفولتهم التى سيدرك من له بعضُ عقلٍ منهم، فى مستقبله القريب نسبيا، أنها المرحلةُ الوحيدة – ربما – التى خرج بها من هذه الحياة. كان علىّ يتابع – مثلا – مَنْ قتل مَن، وماذا فعل السادة البلاطجة بالمرشد المكتشَف، وأى العائلات تعاركت بالأمس، وأشياء من هذا القبيل. ولم يكن يشدّه ذلك على الطريقة التى يشدّ بها أترابَه، بل يتعامل بندية تامة مع أعلام المسجلين الذين يخوض فى أحاديثهم – للأسف – مع زملاء معلمين – أحيانا فى الخمسينات من أعمارهم – يُجارونه ويتحدثون إليه بأريحية مكتملة كما يتحدث الصديقُ إلى الصديق، عن تلك الأخبار العصبويّة. كان – باختصار – من ذلك النوع الذى يكبر، فيكون على الآخرين – عدا من شاكله – تحاشيه وتجنبه. أعرف إنه لا يليق بثلاثينىٍّ مثلى أن يتمادى إلى هذه الدرجة فى استعراض نفوره من طفل لم يدلف – بعد – إلى الثانوية ، لكننى – وليسامحنى الله – رأيته كشرير صغير!
ذات مساء، فى فاصل بين حصص الدرس، رحت أدخن – خارجا – فى الهواء. كان علىّ هناك إلى جوار مدرس التاريخ، يتحادثان بشأن واقعة قتل تمت فى الليلة السابقة، ثم أخرجَ علىّ هاتفَه، ليُرىَ مدرسَ التاريخ تفاصيلَ الواقعة كما تناقلتها الهواتف صورة وصوتا. انتهى المشهد، وجاء إلىّ، فابتدرتُه بالكلام. قلت: "عيش سنك يا على". قال: "لو عشت سنى يا مستر (نطقها براء مكررة) مش هعرف اعيش"!
لم تنزل كلماته على قلبى كبردٍ وسلام. الولدُ – إذًا – أكبرُ مما يبدو؛ ليس صغيرا كما توهمتُ معكم فى أولى الفقرات. لقد تجاوزتُ الثلاثين، وليس عندى من الجرأة ما أؤكد به المسارَ الذى حططتُ عليه فى الأخير؛ افتقادا – بالأساس – لمثل هذا المسار. أما علىّ، فيبدو واعيا لنوعية سلوكه، وقاصدا إليها اختيارا ورغبة؛ إذ بغير هذا النمط من أنماط السلوك – والقولُ لعلىّ – "مش هعرف اعيش".
انتهى الحوار بيننا عند هذا الحد؛ فلم أكن أعرف ما أقول. اعترفت – فورا – إن للولد منطقه، وإن منطقه قوىّ، يكاد يشدخ عقلى الضعيف، فما كان منى إلا التزامُ صمتِ الجهل! كنت غارقا فى حَيص بَيص أفكر، لو تلبستنى مسوحُ الواعظين فحدثتُه عن الأخلاق، ما يجوز منها وما لا يجوز، وأنها الصواب الواجب التزامه وإن بدت كسلعة بائرة، لو فعلت ذلك أكون خنته، هكذا فكرت؛ إذ أقررت بواقعية منطقه وصحته العملية؛ فبمثل هذا المنطق "هيعرف يعيش".
وفى المقابل، ما كان لى أن أحثه على استكمال السير فى هذا الطريق الذى قصده، وإن بدا واقعيا ومريحا؛ لأنه – ببساطة – لا أخلاقىّ، (بعبارة أدق: ليست هذه المنظومةَ القيميّة التى أنصح بها الأغيارَ مطمئنا)؛ هو لا أخلاقىّ إذًا، وسيسلبه – فى القريب – آدميتَه.
كنت أفكر لسنوات فى التعقد الذى آلت إليه حياتُنا المعاصرة؛ لقد صارت إجابةُ الأسئلة الأخلاقية التى تطرحها المواقفُ عملا متعذرا، متعذرا جدا. شاهدتم
A Separation؟ شاهدوا
A Separation!
Wednesday, November 06, 2013,00:02
المُكاتبات - الحادية والعشرون
Monday, November 04, 2013,13:32
فى الحادية والثلاثين - العاشرة
لما سأل رستمُ الفارسىّ ربعىّ بن عامر ما جاء بكم!، كان جوابه: "لقد ابتعثنا اللهُ لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة". يبدو واضحا – تماما – أن الرجل يعرف غايتَه/سببَ الحضور إلى هذه البقعة من بلاد الله.
ما أن أُحدِّثَ الرجلَ من المسلمين عن فرائض الله التى افترضها على من رضوا الإسلام دينا (أو زعموا ذلك) فتكون أولُ مقالته: والنصارى؟! حتى أعرف فيه النفاق. ولست أقصد بذلك إلى غمط من هم على غير الملة حقوقَهم (وسنختلف – كثيرا – فى تعريف الحق)، لكننى لا أجد مسوغا – فى عصرٍ صار بمقدور كلِّ أحدٍ فيه أن يتكلم (وأشياء أخرى) – أن يكون الموقف الابتدارىّ لمسلمٍ هو أن يضع نفسه فى مواقع الآخرين، وذلك قبل أن يتكلم – حتى – بالأصالة عن نفسه.
إن هذه الفئة لا تسعى إلى تبصيرنا بالعراقيل التى تجابه تطبيقَ شريعة المسلمين على المجتمع بأسره (رغم ما يفتقده التعبير من دقة) بقدر ما تسعى إلى خلق هذه العراقيل. وقبل أن يفجأنى واحدُهم بأحد شطرى حديثين لا يعرفون من الإسلام غيرهما فيما يبدو، ألا وهما: "أشققت عن قلبه"، و "أنتم أعلم بشئون دنياكم"، قبل أن يفجأنى واحدُهم بالسؤال الأثير: أشققت عن قلبى؟! أجيبه: لا، لم أشق عن قلب أحد، لكن الله يقول: "ولتعرفنّهم فى لحنِ القول"، فما بالكم وأنتم لا تنطقون إلا لحنا؟!
تعكس إجابةُ ربعىّ بن عامر فهمَ الرعيل الأول لقضيته؛ فهو ينسب الأديان إلى الجور، وذلك فى مقابل العدل الذى ينتسب إلى الإسلام؛ الفارق كبير – إذًا – بين سلفٍ رأوا الأمور على هذا النحو، وخَلَفٍ زينوا لكل صاحب دينٍ دينَه، بوصفه – ككل دين – حقا؛ إن كل الطرق – فى نظر الخَلَف – مؤديةٌ إلى الله!
ومثلما لا يعرفون من سنة نبيهم غيرَ هذا وذاك، فلا يعرفون من كتاب ربهم – كذلك – إلا شطرى آيتين: "لا إكراه فى الدين"، و "لكم دينكم ولى دين". هكذا يقتبسونهما دون إحالة إلى كامل السياق، أو إلى ما تعلق بهما من باقى نصوص الوحى. قال تعالى: "لا إكراه فى الدين قد تبين الرشد من الغى فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم - الله ولى الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون". شتان – إذًا – بين من يسوق ما اقتطفه من الآية ليوحى باستواء الطرفين، وبين من يُنبِّه إلى ما تحمله الآياتُ من تهديدٍ مُبطّن ما يلبث أن يظهر بقوله تعالى: "أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون". ولمن أراد أن يعود إلى أقوال المفسرين فى الآية؛ ففى أقوالهم توسعٌ يضيقُ عنه المقام.
أما آية "الكافرون" التى يعمِدون إليها فى سياقاتٍ تضليليةٍ مماثلة فيكفى أن نضع إلى جوارها ما قاله النبى محمدٌ بشأن هذه السورة؛ ليتضح مُرادُ رب العالمين: "إنها براءةٌ من الشرك".
قلت إننا سنختلف – كثيرا – فى تعريف الحق؛ فما سيعُدّه بعضُهم/بعضُكم بدهيّا لا حاجة به إلى استدلال، سأعتبره مُتهَما حتى تثبت براءته بالتأصيل. إن كل اختلافٍ بين مسلمَين واجبُ الرد إلى الكتاب والسنة، وهنا – تحديدا – يكمن الخلل؛ فما كان أوليّا فى الزمن الأول صار يُلجأ إليه – فى الزمن الأخير – بَعديّا a posteriori؛ للتبرير والتسويغ والشرعنة والأسلمة، وأعنى بذلك أن الفكرةَ تُعتنق – ابتداءً – ثم يُنظرُ – بعد ذلك – فيما يمكن أن يسوغَها من نصوص، صراحة أو تأويلا.
التسـامـح الـدينـى Religious Tolerance، حـريـة التعبيـر Freedom of Speech، حقـوق الإنسـان Human Rights... إلى آخر قائمة المُسلّمات، وأعنى هذه المفاهيمَ فى صورتها الحالية المتداولة، ليست سوى منتوجاتٍ تنويرية وحداثية أوربية بالأساس تم استيرادُها من بيئات مغايرة، ولأن مستوفديها قد حكموا – "سلفا" – بصلاحيتها ووجوب زراعتها، ولأنها ستُزرع فى بيئة مسلمة؛ فقد وجب شرعنتُها وأسلمتُها؛ كى تمر. أقول ولو كان الغرسُ لِيتمّ فى بيئة تغلب عليها المسيحية، لجاءت التسويغاتُ من الكتاب المقدس وأقوال القديسين، ولو كان ليكون فى بيئة يغلب عليها تدينٌ وثنىّ، لجاءت التسويغاتُ – غالبا – على لسان وحى دلفى، ولدُعمت الآراء بسطورٍ من هوميروس.
وليس غرضى – ههنا – أن أحكم على هذه القيم سلبا أو إيجابا؛ رفضا للمبدأ ذاته، وليس يُجدى أن يقول القائل: "إذن ننغلقَ على أنفسنا ولا نفيد من الثمرات الخيّرة للآخرين حتى لو لاءمتنا؟"؛ إذ الحالُ ليست كذلك؛ لقد حُكم بنجاعتها حكما "مسبقا"، حتى لم يعد لسؤال الملاءمة محل! إنها لم تعد قيما واجبةَ العرض على معيار الملاءمة؛ لقد صارت هى ذاتها المعيار!
منذ شهور، تورطتُ فى نقاشٍ حسبته عقديا وفقهيا بالأساس، غير أن مُحاورى لم يُحلنى – مطلقا – إلى آيةٍ أو حديثٍ أو قولِ واحدٍ ممن يسميهم القرآن "أهل الذكر"؛ أحالنى – عوضا عن كل ذلك – إلى الفيلسوفين الألمانيين شوبنهاور وفويرباخ، وإلى الأخير تحديدا؛ كونه – فيما أعلم – أكثرَ استفاضة فى نقاش الدين على هذا النحو. كان جليا تماما أننى فى وادٍ والرجل فى واد! وربما يوضح ذلك أن نقول إن فويرباخ قد رد الدين – فى الأخير – إلى أنثروبولوجيا؛ لقد جعل الإنسانُ من ذاتِه محمولاتٍ لذاتٍ إلهيةٍ مفارِقة، فكان الاغتراب. وبعودة المحمولات الإلهية التى خلعها الإنسانُ على الكائن المفارق إلى الإنسان، تتم الحركةُ الثلاثيةُ للديالكتيك (synthesis < antithesis < thesis)، ويتحقق جوهرُ الدين بوصفه أنثروبولوجيا. بعبارة أخرى: إن كل الصفات التى نخلعها على الإله ليست سوى صفات "النوع" البشرىّ ذاته، أو كما يشيع القول: إن الله لم يخلق الإنسان، بل خلق الإنسانُ [فكرةَ] الله.
أدرك – الآن – أن النقاش برمته قد انبنى على مغالطةٍ منطقية، حتى إننى لأحسب إن فويرباخ نفسه ما كان ليقوده على هذا النحو، غير أنه يوضح – رغم ذلك – عِظمَ الفارق بين تصوّرَيْنا لمصطلح "الدين" ذاته! وما بدأ يتجذر من النحو باتجاه "أنسنته".
ولتكتملَ فائدةُ ما سبق أن أشرنا إليه فى حديثنا عن منتوجات الحداثة؛ ربما يكون ذا فائدةٍ أن نُـحيلَ إلى الحملة ما بعد الحداثية على هذا الفكر – الحداثى –، ومفرزاتِ عقله الأداتى، وسردياتِه الكبرى/ميتا-حكاياه، التى لم تقدم إجابةً شافية، بل حربين عالميتين، وتوسعاتٍ استعمارية، ونظمًا فاشيةً ونازيةً وستالينية. ومع الحقبة/الحالة/الفكر ما بعد الحداثى، تُدق أجراسُ الموت، وتشيع فكرةُ النهايات (موت المؤلف - نهاية التاريخ - موت الإنسان - تقويض الميتافيزيقا... )، ومن قبل، كان نيتشه قد أطلق صيحته بموت الإله. هـل انتهـى الفكـر الأوربـى/المـركـز/المعيـار – إذًا – إلى عـدميـةِ إعـلانِ النهـايـةِ لكـلِّ شـىء؟
عقائدُ الإسلام توقيفية، وليست موضوعةً thesis تتفاعل والنقيضةَ antithesis؛ لتنتهىَ فى المركب synthesis. حدث ذلك من قبل على يدِ أمثالِ أصحابِ التصوفِ الفلسفىّ، وهو يحدث الآن، فحَتّام، وإلى أين؟!
وما أبرِّىء نفسى؛ فقد لحقها من الانحرافاتِ الفكريةِ الشىءُ الكثير.
Sunday, November 03, 2013,14:32
بطاطا
صِيّع وسط البلد،
المثقفون الجدد،
منتفضون لحجبِ عرضٍ تلفزيونىّ،
أكثر مما هم كذلك،
للقتلِ والاعتقالِ العشوائىِّ والتشريد.
صِيّع وسط البلد،
المثقفون الجدد،
يرون فى الحجبِ دلالةً على النقطةِ التى صار إليها مؤشرُ الحريات.
أما ما عدا ذلك من خروقات،
فمتعلقٌ – مباشرةً – بأسعارِ البطاطس،
لا بمؤشرِ الحرية!
غنىّ عن الذكرِ أن نقول:
إن المثقفَ لا تعنيه مثلُ هذهِ الأمورِ الدرنيّة،
التى ينبغى أن نسألَ عنها،
تجارَ البطاطا!
Saturday, November 02, 2013,06:52
كاكيّة
"ما شئتَ لا ما شاءتِ الأقدارُ/فاحكم فأنتَ الواحدُ القهارُ"، هكذا خاطبَ خَلَفُ المتملقِ الأولِ خَلَفَ الطاغيةِ الأول؛ فلَبِئس الخَلَفُ ولَبِئس السلف!
ورغم ذلك، يظل للأمرِ منطقيّتُه، بعد أن أضحتِ البلادُ والعبادُ محضَ تجلٍّ لذاتِه القدسيةِ المطلقةِ التى تظهرُ فى الموجودات. ليس فى الـجُبّةِ سواه، بل والـجُبّةُ هو. هو الـجُبّةُ ولابسُها وحائكُها وكاويها ومُمزِّقُها وفاشخُها وفاشخى وفاشخُكم. هو الذاتُ، تتجلى فى التاريخِ لتعىَ ذاتَها؛ هو الديالكتيكُ والحركة. هو هيجلُ، وهيجلُ هو.
هو القائدُ والرئيسُ والحكومةُ والبرلمانُ والقانونُ وقاضى الشرائعِ، هو الـخَصْمُ والحَكَمُ والـحُكْمُ وعريضةُ الاتهام؛ هو الشعبُ الذى تصدرُ عنه السيادةُ، وهو السيادة.
هو المثقفُ الذى يخونُ، هو الخائنُ، هو المَخونُ، هو الخيانةُ؛ هو الثلاثةُ أولُ المفردِ، هو الواحدُ فى كثرةٍ، هو الكثرةُ فى وحدةٍ، هو ابنُ عربى، هو الأندلس.
وهو الذى يتنحنح!
ويكادُ من شبه العذارى فيه أن تبدو نهودُه
ناطوا بمعقدِ خصرِهِ سيفًا ومنطقةً تؤودُه
جعلوه قائدَ عسكرٍ ضلّ الرعيلُ ومن يقودُه [الوزير المهلبى]