Thursday, May 31, 2007,03:56
تذكرة
تذكِرةً لمن تناسى:- يقول الله: "وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ"

إنكم إذاً مثلهم
 
Posted by Muhammad | Permalink |
Sunday, May 20, 2007,23:42
حصاد الهشيم
ليس هذا الضجيج الكلام
ليس هذا السكوت انهزام



تقف على مشارف الخامسة والعشرين حكيما محزونا متسمما بالكلمة. تقف متّهـَما ومتّهـِما لمن سقطوا – دون سابق إنذار - أمواتا في الحياة. تقف – كلاعب سيرك - على قدم واحدة دون أن تجد موضعا للأخرى. ولْتعترفْ يا صديقي بأنك عرفت ذلك منذ البدء، لم تكن الحياة أبدا بمثل هذا السخاء. لتعترفْ. فمثلك لا يخدع نفسه وإن انخدع به الآخرون.

تقف على مشارف الخامسة والعشرين ولا شيء في صندوق القلب سوى قليلٍ من البراءة، وبعضٍ من التجريب. تقف وقد تماديت في الحزن يوما فشهرا فعاما حتى ترسّب فسدَّ منافذَ الفرحة. تقف وأنت تعي – تمام الوعي – أن هذا الزحام لا أحد.

تقف على مشارف الخامسة والعشرين ولا شيء معك سوى بقيةٍ من كلمات المازنيّ .. قبض الريح وحصاد الهشيم وخيوط العنكبوت. تقف وأنت.. ما أنت؟ ذبابة سقطت في الفخ الدنيويّ ولم تسلك - بعدُ - طريقَ الخلاص. تقف مرهقا بكلمات الجامعة عن الكل الذي هو باطل، والأنهار التي تجري إلى البحر .. فترتعب لمرأى نهرك السائر حتما إلى نفس المصير.

تقف على مشارف الخامسة والعشرين وقد خيبت أهلك وأصدقاءك وحبيباتك ونفسك. تثقلك الإحباطاتُ والمراراتُ ووطأةُ الماضي، فتتشكك في إمكانية التغيير الذي يأتي ولا يأتي. توَدّع الصباحاتِ واحدا تلو الآخر في انتظار قمر الحب الذي يطلع والمساء، فيأتي المساء - كعادته - دون قمر. لتشرقَ شمس أخرى من رحم الغد وتصب نارها الحزينة على وجهك الممتقع الأسْيان، ثم لا شيء.

تقف على مشارف الخامسة والعشرين وقد قست حياتك بملعقة قهوة فلم تزن الكثير. تبكي - عن عجز - أمام العبارة الشكسبيرية عن تيار أسمى المنجزات. لم تعرف مذ سقطتَ على رصيف هذا الكون في أواخر الصبا شيئا عن المنجزات. فقط بعض صور هشة .. وركام .. وأصواتٍ متداخلة يطلقها عويلُ الليل والجنادب.

تقف على مشارف الخامسة والعشرين وغدا متكاملا. تنفعل بالكلمة ولها دون أن تغني بالسيف. تنتابك حيرة الحلاج في النص الذي أبهرك فيَقطرُ دمعك. تسائل من يعرفون، فلا يجيبك غير الصدى.

تقف على مشارف الخامسة والعشرين وحيدا بعد أن بدأت القافلة في الرحيل. تعي أن كل ارتباط إلى انفصال، وكل لقاء إلى فراق، وكل حياة آدمية إلى زوال. يقتحمك صوت الحادي فلا يفيدك التظاهر بالصمم. تقف متغافلا عن الموعد الذي تُسرَج فيه ناقتُك، ليبدأ السفر.

تقف على مشارف الخامسة والعشرين وقد أفزعك المارّة فوضعت نعليك تحت إبطيك وفررت من السوق في يوم قائظِ الظهيرة. تقف متوحدا ولا أحد في الساحة سوى الإنسان الكُركي والإنسان الثعلب والإنسان الأفعى والإنسان الكلب. تذكر أنك حين تركتهم كان الإنسانُ الفهدُ سيدَ الموقف. تسائل بسام الدين عن الإنسان الإنسان، فيأمرك بالصبر .. والحزن.

تقف على مشارف الخامسة والعشرين وقد عرفت فلم تلزم. ووعيت فلم تفعل. تُمنّي نفسك بالأيام التي تدخل فيها رحمَ الهناءة ليكون التطهير، وكأنك اتخذت عند الله عهدا فأنت - حتما - بالغُه. تتناسى الموعد المضروب رغم وضوح الحقيقة .. ورغم انشقاق القمر.

تقف على مشارف الخامسة والعشرين كما يقف البعير، وما في قلبك موضع إلا وفيه ضربة سيف أو طعنة رمح أو رمية سهم. تطول بك الوقفة. فلا نامت عينك، ولا نامت أعين الجبناء.
 
Posted by Muhammad | Permalink |
Thursday, May 03, 2007,00:39
إلى من يهمه الأمر

London bridge is falling down falling down falling down


هل يمكنك أن تكون صديق كل أحد دون مقايضة على المبدأ؟

الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي مثالا:

دعك الآن من محاولة تفريغ القضية من بعدها الدينيّ، فهم - على أية حال - يؤمنون أنها الأرض التي وعد الله بها، ونحن نؤمن أن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده. دعك من هذا وأجبني: كيف لتلك الإشكالية أن تُحل نهائيا دون سيف؟

حين أجلس معك على مائدة التفاوض، فقد قبلت بفكرة التنازل، وإمكانية الحل الأوسط، ودعني أحصل على ما أستطيعه لا ما أستحقه. (ربما لذلك يدعونها المائدة المستديرة، فلا خطوط منكسرة حدية، بل منحنيات مراوغة ولينة).

- لتكن - إذن - علمانية تتسع لكل أحد!
- والمبدأ؟
- قليل من الملح يعطي العلاقة شكلا جميلا.

على كل أحد أن يقبل بوجود كل أحد وأن يتعايش معه. لتصبح مقولات الحق الديني والتاريخي والشرعي من قبيل إيقاظ الفتنة النائمة.
أقبل بوجودك (الذي أؤمن بلا مشروعيته)، وتقبل بوجودي (الذي تؤمن بلا مشروعيته)، فقط حتى يتم التعايش. والمجد - كل المجد - لسفينة الوطن التي تسير.

يمكننا التفاوض، تماما كما يمكننا التعايش في دولة علمانية. لكن دعنا نغض الطرف عن مسألة المبدأ هذه، وليكن شعارنا في المرحلة المقبلة: فريكيكو .. لا تلمني.

ولأن السيف - بتعبير سعاد الصباح - قد وصل إلى الحلق، فلا مانع من اقتحام المسكوت عنه. ولا مانع أيضا من قليل - أو كثير - من التصادم.

أنت حين تدوّن (كم أكره هذه الكلمة) فإنك - شئت أم أبيت - تمارس فعل الكتابة. تضاجع الكلمة لتستولدها. تلقي جوفك بما فيه في رحمها. تلد الكلمة حقا وخيرا وحرية، أو شيطانا شائها لا يعرف أبوه من أمر الكلمات إلا غمغمةً أو همهمة أو هسهسة أو تأتأة أو فأفأة أو شقشقة أو سفسفة أو ما شابه ذلك من أصوات.

أفهم ألا تجيد الكلمة، وأفهم - على الأخص - أن تؤمن بلا جدواها. لكني لا أفهم كيف تمتهنها. وكيف - على الأخص - لا تدرك أن اللفظ حجر ومنيّة.

أكتب وأقرأ. أحمل قَناعاتي الخاصة وأقرأ - فيما تكتب - قَناعاتك. حتماً ستصطدم القَناعات عند نقطة ما. نقطة - ربما - أفقد عندها احترامي لما تكتب وأُبقي على احترامك بطريقة أو بأخرى. سأقول: كاتب لا يروقني فكره. لكني لن أهضمك حقَّك. أنت كاتب جاد وجيد - أو جاد غير جيد - لا يروقني فكره.

أكتب وأقرأ. أحمل قَناعاتي الخاصة وأقرأ - فيما تكتب - قَناعاتك. حتما ستصطدم القَناعات عند نقطة ما. نقطة - ربما - أفقد عندها احترامي لما تكتب، ولك. سأقول: واحد ممن ينتزعون ثياب الأفكار المومس والأفكار الحرة، وتلوك أشداقهم الفارغة القذرة، لحمَ الكلمات المطعون، حتى يلقوا ببقايا قيئهمُ العنّين، في رحم الحق .. في رحم الخير .. في رحم الحرية.

لا يمكن للإنسان - فيما أزعم - أن يتجنب مفترق الطرق طيلة حياته. لا مفر من الوصول للحظة يتحتم عليك فيها أن تختار. الكلمة فقط، أو صداقة كاتب الكلمة فقط، أو كليهما بقليل من التنازل. وكلنا يعرف أن قليلا من الملح يعطي العلاقة - والسلاطة أيضا - طعما جميلا. تدخل الحسابات الأخرى فتفسد المسألة: فلأحتفظ برأيي لنفسي. لا داعي أن يعرفه على أية حال. لا داعي لمزيد من الأعداء. لن أمتدحه، لكن سأُبقي رأيي الحاد داخلي. سيتوقف - حتما - عن قراءتي، وأنا أريد أن يقرأني الجميع. (أهلا بحسابات الربح والخسارة). ستقول ما يقوله كل أحد: الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية، أية قضية. ناهيك - طبعا - عن عصر الحرية الذي نعيشه، والذي يتطلب منك أن تعيش وتتعايش مع كافة الفضاءات. ببساطة، لن تعدم مبررا لموقفك. وستبدو - في كل الأحوال - كائنا ليبراليا ودودا.

لكن صدقني لا يخلو الأمر من سوء الطوية. أنت تعرف أنك لست ليبراليا. أنت تراه كافرا وزنديقا وفاسقا ومتعجرفا وسليطا وغبيا ولا يعرف شيئا من أمر الكلمة .. لكنه يمتدحك ويمتدح ما تكتب، فتؤثر السلامة وترتضيه كاتبا بالمثل.

أما أن تنحاز إلى الكلمة (ناهيك عن الحق - الذي سيبدو لك نسبيا)، فهذا مجد لا تستطيعه. وشرف تقصر قامتك دونه. أنت وغد لا يتخذ موقفا حديّا، ولا يجرؤ على الاختيار عند مفترق الطرق. أنت ما أنت.

كن جادا واكتب في الظل ولا تفتعل الضجيج. تماما كبهاء طاهر.
كن جادا ولا تقايض على الكلمة. وإن لم تستطع فاترك الميدان.
كن جادا حتى وإن نسيتك شهود العيان ومضبطة البرلمان.
كن جادا حتى وإن لم تصبح صديق كل أحد.
كن جادا من أجلك .. من أجلي .. من أجل الكلمة.
كن جادا بالله عليك.

قال المهزوم الذي يحمل قلما:

كهّان الكلمات الكتبة
جُهّال الأروقة الكذَبة
وفلاسفة الطلَّسمات
والبلدان الشعراء
جرذان الأحياء
وتماسيح الأموات
وقعوا في صحن المعبد مثل الدببة
حكُّوا أقفيتهمو، وتلاغوا كذباب الحانات
لا يعرف أحدهمو من أمر الكلمات
إلا غمغمةً أو همهمةً أو هسهسةً أو تأتأةً أو فأفأةً
أو شقشقةً أو سفسفةً أو ما شابه ذلك من أصوات
و تسلّوا بترامي الفقاعات
لما سكروا سُكرَ الضفدع بالطين
ضربوا بنعيق الأصوات المجنون
حتى ثقلت أجفانهمو، واجتاحتهم شهوة عربدةٍ فظَّة
فانطلقوا في نبراتٍ مكتظة
ينتزعون ثياب الأفكارِ المومس والأفكارِ الحرة
وتلوك الأشداق الفارغة القذرة
لحمَ الكلمات المطعون
حتى ألقوا ببقايا قيئهمُ العِنِّين
في رحم الحق
في رحم الخير
في رحم الحرية

أسائلك يا من تعرف: هل يمكنك أن تكون صديق كل أحد دون مقايضة على المبدأ؟

 
Posted by Muhammad | Permalink |