Tuesday, January 28, 2014,13:49
سيّدى وتاجُ رأسى
لو كان لى أن أتغزّل بثورةٍ ما كنتُ لأتغزّل بغيرِ يناير؛ ما عرفتُ سواها وما عدتُ أثق بمرويّاتِ التاريخ! وحتى ما أثقُ به أعرفُ - الآن - أنه لم يكن على الأرض كما جاء فى الصحُف، وأن الذى لم يعش شيئا لم يعرفْه قط على وجهه وحقيقته!

لو كان لى أن أتغزّل بثورةٍ ما كنتُ لأتغزّل بغيرِ يناير؛ وقد رأيتُها - لو اختتمَتْ تاريخَ البشرِ - أوجًا لانتصارِ النورِ على الظلام. هكذا تبدّتْ لى فى عنفوانِ رمزيّتِها، وفى ألقِها المسفوح!

لو كان لى أن أتغزّل بثورةٍ ما كنتُ لأتغزّل بغيرِ يناير، إلا إنه لم يعد بُدّ من الاعترافِ الخطير: لقد كانتْ خطأً على خطأ، وكان الصبرُ أَولى بنا وأليقَ من الولادةِ قبل حينونةِ الأوان!

توفّرتْ مقدماتٌ وغابتْ مقدمات، ولغيابِ مقدماتٍ شاهَتِ النتائج، وما بتوافرِ الظلمِ وحده تقوم الثورات؛ فالثورةُ - إلى جانبِ ذلك - توافرُ الوعى بالأساس!

فكيف تُثوِّرُ مواطنًا لا يعرف ولا يفهم ولا يدرى أىّ شىء عن حقوقِه أو عن القانون؟ إنهم لا يعترفون بغيرِ القوةِ التى تستندُ فى شرعيّتها إلى ذاتِها؛ ولذلك لما أرادوا رئيسًا لم يحلموا بأكثرَ من أن يكون "دكرًا" له يدٌ من حديد!

ستحسب أن إثباتَ الجُرمِ - أيّا كان نوعُه - فى حقِّ "الدكر" كافٍ لتغييرِ القناعات، وستكون واهمًا - فى ذلك - إلى أبعدَ من حدودِ المجرة؛ إذ يستحيل الجُرمُ - فى حقِّ "الدكر" - إلى مأثرةٍ تُعزِّزُ من "دكوريته" فى أعينِهم، فكيف تطمحُ إلى تثويرِ هؤلاء دون أن تبثّ فيهم الوعىَ والقدرةَ على إقامةِ الميزان؟

وكيف يقومُ الميزانُ بين ظهرانى أناسٍ قضاتُهم ملحٌ فاسدٌ وكُتّابهم حثالاتٌ مأجورون تضاجعهم السلطةُ فى المهبلِ والشرج وفنانوهم جوفٌ أدعياء وعلماؤُهم نعالٌ مُعمّمة وإعلاميوهم عاهرون عهر الإبلِ (والإبلُ لا تتعاهر)... ولو استطردتُ معك فى التعداد لاشتكانا خطّ الأعداد؟

لا يعرف المصريون ما تعنيه الموازنةُ بين الجريمةِ والعقاب؛ ولذلك لا يسعون فى أحاديثهم المنحطةِ إلى أكثرَ من إثباتِ أىِّ شكلٍ من أشكالِ الخطأ؛ ليقودَ إثباتُهم - بالضرورةِ، فى الأخير - إلى المشنقةِ أو ما أقرّه السلطان. كان يكفيهم أن يُثبتوا فى حقِّ فتاةِ التحريرِ التى عرّاها رجالُ الجيشِ أنها تواجدتْ حيث لم يكن عليها أن تتواجد، وما دام ذلك كذلك، فقد استحقّتْ كلّ عقاب، وتنبّهْ إلى ما فى "كل" من شموليةٍ أعنيها بحذافيرها، شموليةٍ تشمل التعرّىَ (وسط مجتمعٍ منافقٍ يقبل تعريتها فى الوقتِ نفسِه الذى يصر فيه على نزولِ "الغزيّة")، والقتلَ، وتهشيمَ العظامِ، والإلقاءَ فى القمامة. ولو راجعْتَ كلّ حدثٍ منذ يناير الحزين، لوجدتَ المنطقَ نفسَه يسير فى عصبِ المواقف!

لو كان لى أن أتغزّل بثورةٍ ما كنتُ لأتغزّل بغيرِ يناير، لكننى أعترفُ - الآن، بعد خوضِ التجربة - أنها قد جاءت فى غيرِ الأوان!

مباركٌ شعبُ مصر، ومباركٌ لسيّدى وتاجِ رأسى عبد الفتاح!
 
Posted by Muhammad | Permalink |
,03:57
ثورة! أىّ ثورة؟
لو اعترف كلّ أحدٍ بخطئه فلن تعترف "تلك الشريحة" من الثوار بأخطائهم ولو عُلِّقوا على أعوادِ المشانق، حتى إنهم سيذهبون مع الكذبِ إلى منتهاه؛ فقط لإثباتِ صحةِ الموقف. وموقفُهم صحيحٌ فى كلِّ حالة؛ إنهم معصومون!

وآخرُ الأكاذيب زعمُهم باستيلاءِ العسكرِ وأذنابِهم ممّن لم تُسقطهم ثورةٌ ولا مداهنةٌ على "الموجةِ الثورية/الثورةِ الثانية" التى اندلعت (وانتهت) فى الثلاثين من يونيو، رغم أنها كانت ثورةَ العسكر ورجالِهم بالأساس!

بل أنتم الشاذون فى المشهدِ العالةُ عليه وعلى أهدافِه مَن سعوا إلى السطوِ على ما ليس لكم، وما كانت لحظةُ الثلاثين من يونيو لكم، ولا كانت لحظتَكم!

كانت ثورتُكم فى الخامس والعشرين غير أنكم أغبى من أن تدركوا ذلك، وما كان فى الثلاثين كان خالصًا لقيصر؛ فأعطوا ما لقيصرَ لقيصر، ولا تفتئتوا عليه وعلى الهاتفين.

قامت الثلاثون من يونيو من أجلِ ما ترون، وليس يُسأل عن ضحالةِ عقولِكم إلاكم؛ فلا تلوموا الذى يمضى لتحقيقِ هدفِه كما أراده، ولوموا أنفسكم، لم تعودوا مصرخيه (وقد أصرختموه حينها)، وما كان قطّ مصرخَكم. اليوم يتبرأ منكم بعد أن امتطاكم، فمنكم مَن كان مُدركًا لكل ذلك وحسَمَ أمرَه فى الاختيار بين الإخوان/الغريم والعسكر (كرموزكم الحثالات)، ومنكم الغبىّ الذى استُحمر كما استُحمر أخوه الإخوانىّ من قبل، إلا أن التباكىَ دأبُكم، وادعاءَ الشهادةِ ديدنُكم، ولا أراكم ستتغيرون.

كلّ من وقّعَ أوراقَ تمرد أو شهد الثلاثين من يونيو تلزمه توبة*!



* بالاصطلاح الأدبى/السياسى، لا الدينى.
 
Posted by Muhammad | Permalink |