Monday, October 07, 2013,07:04
Intertextuality
مارشاتكم جنائزية، وقلوبكم مثقوبة بالرحيل. جيوبكم ملأى بالحجارة(1)؛ التقطتموها – ابتداءً – لتكون علاماتٍ فى الطريق، ولما تُهتُم عن الهدف، ظلت هناك؛ لئلا يملأكم مزيدٌ من الخواء. "شكلٌ بلا قلب.‏‏ ظلّ بلا لون. قوةٌ مشلولة.‏‏ إشارةٌ بلا حركة"(2).

ينبئنى شتاءُ هذا العام أنكم ستموتون – وحيدين – ذاتَ شتاءٍ مثله، ذاتَ شتاء. ستموتون قبل أن تلحق رِجْلٌ رِجْلا(3)، بعد أن تؤدوا أدواركم كفزاعاتٍ قشيةٍ تطرد عصافيرَ البهجة عن حقول القمح؛ وقمحُكم أصفر.

وأنت يا من (لا) تعرف! أثبِّتُ عينىّ على عينيك الأسيانتين، وأسأل: لماذا عرفتَ الكثيرَ، وكان القليلُ شفاءك؟(4) ستعترف – فى الأربعين – أنها كانت حماقةً بالغة، إذ تختنق وسط حلقةٍ من حلقاتِ دخانِ التبغ. (لدخان التبغِ رائحةُ الورقِ الحائل). (الورقُ الحائلُ – كقمحكم – أصفر).

أنتم أحفاد والت ويتمان، غير أن لحاكم لا تنبت الفراشات(5)، بل الجنادب(6)؛ ولذلك، حين يجن الليل، تتداخل فى آذانكم أصواتُ الصرير. فى اليوم التالى، تصبحون مسوخا كافكاوية(7)، يستهلكها العابرون فى كلام عابر(8).

تفتح البنتُ حقيبتَها؛ لتزيد من كثافة الطلاء. يفتح الولد حقيبته؛ لأن البنت تفتح حقيبتها. هكذا، فى ميكانيكية تلقائية تثبت القانونَ الثالثَ من قوانين نيوتن للحركة. كان يجلس هناك، مستظلا بشجرة، ولما وقعت التفاحة على رأسه، فشَجّتْه، اكتشف حرارةَ دمه، واكتشف الجاذبية. عملت الجاذبيةُ على تقريب البنت التى تزيد من كثافة الطلاء، والولدِ الشبحىِّ الذى لا كثافة له، حتى اصطدما، وتساقطت الأحجار. بمسيل الدم، دُهشا – كثيرا – لبرودته؛ كان أكثرَ برودةً مما ظنا، ومما توقع خبراءُ الأرصاد.

وأنت يا من (لا) تعرف! أثبِّتُ عينىّ على عينيك الأسيانتين، وأسأل: لماذا تماديتَ فى الحزنِ يومًا، فشهرًا، فعاما؟(9)



1) كانت فيرجينيا وولف قد ارتدت معطفها، وملأته بالحجارة، ثم أغرقت نفسها فى نهر أوس.
2) الرجال الجوف (The Hollow Men) – إليوت.
3) ينبئنى شتاء هذا العام/أننى أموت وحدى/ذاتَ شتاء مثله، ذات شتاء ..... وقد أموت قبل أن تلحق رِجلٌ رِجلا/فى زحمة المدينة المنهمرة – أغنية للشتاء – صلاح عبد الصبور.
4) لماذا تماديت فى الحزن؟ – محمد إبراهيم أبو سنة.
5) فى قصيدته الغنائية إلى والت ويتمان (Ode to Walt Whitman)، كتب لوركا "لم أنقطع لحظة واحدة عن رؤية لحيتك المليئة بالفراشات".
6) ما هذه الجذور المتشابكة، وأية أغصان تنمو/من هذه الأنقاض المتحجرة؟ يا ابن الإنسان/إنك لا تقدر على الكلام أو الحدس، لأنك لا تعرف سوى/مجموعة مهلهلة من الصور، حيث تسطع الشمس/والشجرة الذابلة لا تلقى ظلا، وجندب الليل لا يجلب الراحة/وقد خلت الحجارة الجافة من خرير المياه – الأرض الخراب (The Waste Land) – إليوت.
7) Kafka's The Metamorphosis.
8) عابرون فى كلام عابر – محمود درويش.
9) لماذا تماديت فى الحزن؟ – محمد إبراهيم أبو سنة.
 
Posted by Muhammad | Permalink |


10 Comments:


Post a Comment

~ back home