Wednesday, June 05, 2013,04:22
المُكاتبات - السادسة
أحَببتُكِ بداهةً؛ فلم تحتاجى من خارج ذاتك إلى برهانٍ ولا دليل. هجمْتِ على النفس هجومَ الضرورةِ فعرفتكِ ثبوتًا لا ظن فيه، كـ الاثنين ضعف الواحد، والكل أكبر من الجزء، هكذا بلا استدلالٍ ولا تقديم.

كالغزّالىِّ إذ خرج من حيرته بنورٍ قذفَهُ اللهُ فى قلبه قُذفتِ فىّ، فوَدَعْتُ طرقَ الباطنيّةِ والفلاسفةِ والمتكلمين، وصرْتُ إلى التصوف. كإمبادوقليس إذ ألقى بنفسه فى البركان، وكغسان كنفانى إذ قال لغادة السمان: يلعن أهلك!

ونسُبُّكم، وسبابُنا محبة.

قال الجنيد: إذا صحتِ المحبةُ سقطَتْ شروطُ الأدب.
وسأل أبو الحسن القارىء "فيروز" جاريةَ أبى على الدقاق (وكانت تستطيلُ عليه بلسانها): لِمَ تؤذين هذا الشيخ؟ فقالت: لأنى أحبه.
ودخل جماعةٌ من الناس على الشبلى فى مارستان، وقد جمع بين يديه حجارة، فقال: من أنتم؟، فقالوا: نحن أصدقاؤك ومحبوك. فأقبل عليهم يرميهم بالحجارة، وأقبلوا يهربون. فقال: ما لكم؟ ادّعيتم محبتى، فاصبروا على بلائى.

وقد صحّتْ محبتُنا، فسقط أدبُنا، فسببناكم. فلو صحّتْ محبتُكم، فاصبروا على ما آذيناكم.
 
Posted by Muhammad | Permalink |


13 Comments:


Post a Comment

~ back home