Monday, May 27, 2013,04:15
المُكاتبات - الثالثة
أخذْتَنا، فما ردَدْتَنا، فلا ردَدْتَنا؛ إنّا نبغى أنْ نظلّ بكَ فيكَ مأخوذين. أتعبْتَنا تعبًا من غيرِ جنسِ التّعبِ، وأرحْتَنا راحةً من غيرِ جنسِ الرّاحةِ، فلا أتعبَنا تعبُكَ (وإن أتعبْتَنا)، ولا أراحتْنا راحتُكَ (وإن أرحْتَنا)، وما تشَكّيْنا فى الحالين. أمّـنْتَنا، فأمَتّنا بكَ من حيثُ أحيَيْتَنا، وأحيَيْتَنا بكَ من حيثُ أمَتّنا، فلا كانتْ حياتُنا قبلَكَ حياةً ولا من بعدِ أنْ أحْيَيْتَنا، وكان موتُنا قبلَكَ موتًا وما كان موتًا ما أمَتّنا. تقبّلْتَنا، فأقْبَلْنا، فقَبّلْنا، فقَبِّلْنا؛ إنّا رأيْناكَ فى مناقيرِ الحَمامِ وفى دمعِ العِنَب. رقّعْنا بكَ ثوبَنا، وتخَرّقَ فيكَ صبرُنا، فسَتَرْنا باطنَ ما تخَرّقَ بظاهرِ ما ترَقّعَ، حتى ضاقَ علينا الثوبُ، واتّسَعَتْ بكَ فينا الخُروقُ؛ إنّا فى الصبرِ مَخْروقون. نادَيْتَنا فأفرَحْتَنا، وكان لَبْلابـُنا ليرتقىَ إليكَ الجُدُرَ وإنْ أبكَيْتَنا، فباكَيْتَنا بالفرحِ فى الفرحِ حتى أبكَيْتَنا، وباهَجْتَنا بالبُكاءِ فى البُكاءِ حتى أبهَجْتَنا؛ فَرْحُنا أنتَ وأنتَ البُكاءُ وأنتَ امتزاجُهما فى اللقاء. صادَفْتَنا، فصَدّقْتَنا، فصَدَقْتَنا، فصادَقْتَنا، وصادَفْناك، فصَدّقْناك، فصَدَقْناك، فصادَقْناك، ثُمّ التَقَيْنا، فتلاقَيْنا، فائتَلَفْنا، فتآلَفْنا، فتَعارَفْنا، فاعْتَرَفْنا، فانشَقَقْنا بالبوحِ للبوحِ، فشَقْشَقْنا، واشْتَقَقْنا ما تيَسّر من مفرداتِ الوَصْل. أمّلْتَنا، فأمَلْتَنا، فآلَمْتَنا، فألمَمْتَ بنا المواجيدَ حتى أذهَلْتَنا، وعن أنفسِنا أخَذْتَنا، فما ردَدْتَنا، فلا ردَدْتَنا؛ إنّا نبغى أنْ نظلّ بكَ فيكَ مأخوذين.
 
Posted by Muhammad | Permalink |


5 Comments:


Post a Comment

~ back home