Thursday, May 30, 2013,00:08
المُكاتبات - الرابعة
وموضعُكِ منى موضعُ اللبنِ يخرجُ من بين فَرْثٍ ودمٍ خالصًا سائغا، ومجراكِ منى مجرى الغضبِ من ابنِ آدمَ إذا تمكّنَ منه .. غيرَ أنك لا تذهبين بالوضوء.

وأنا لا أبيعكم لقاءَ ثلاثينَ فضة، ولا أنكركم قبل أن يصيح الديكُ صيحاتٍ ثلاث؛ بل أحمل عنكم صليبَ الحزنِ وأصعد الجلجثةَ وحدى. بتُّ البارحةَ فى البستان، وقلتُ يا إلهى لو أمكنَ أن تعبر عنى هذه الكاس، لكنّ طعمَها فى الفم مُرّا كان قد بدأ، فعلمتُ أننى – لابد – داخلٌ فى التجربة، وأننى لستُ بناجٍ من الشرير.

وموضعُكِ منى موضعُ الصليبِ من الحلاج: خلاصا وألما، وبك تتم الدورة، فيحقق قاتلى مشيئتى، وليس يصحُّ وضوءُ ركعتى العشقِ بغير الدم. ومجراك منى مجرى رمادِ جثتِهِ من مياه دجلةَ تحمله معها حيث سارتْ، وتحطّه حيث تريد.

ولقد تعلقتكم تعفّفًا كعنترة، وتولّهًا كالمجنون، وتفحّشًا كامرىء القيس، وتماجنًا كابن هانىء، واجتراءً كابن أبى ربيعة، واشتياقًا كابن زيدون، وتفلسفًا كحكيم المعرّة، وسماعًا كبشار، ومشاهدةً كالصوفية، وخلاصًا كعبد الصبور. فمررتُ بدوركم التى لا يشبه سوادُ أرضِها سوادَ أرضى، وبكيتُ الأطلالَ، وقلتُ يا صاحبَىّ، وافتتحتُ القصيد.

وموضعُكِ منى موضعُ عبلة وعنيزة وليلى وبثينة وسعاد وعزة وولّادة وهريرة وخولة وهند... أنتِ المعشوقاتُ إذ حللْنَ فيكِ بدنا، ونزلْنَ منكِ منزلةَ الجزءِ من الكل، وأنا العاشقُ السىءُ الحظ، لا أستطيع الذهابَ إليكِ، ولا أستطيع الرجوعَ إلىّ. تمرّدَ قلبى علىّ.
 
Posted by Muhammad | Permalink |


2 Comments:


Post a Comment

~ back home