Thursday, April 11, 2013,23:07
ظهوراتُ ليلى
وليلى غائبةٌ، وإن لم تغبْ فى الغيابِ، وحاضرةٌ، وإن لم تستقرّ فى الحضورِ، وأنا لاهثٌ معها فى دوائرِ الما بَيْن.

وليلى متبدِّلةٌ لا تستقرُ على حالٍ، تكونُ فى الغيبِ حتى أقولَ لا تتجلّى فى الشَهادةِ، وتكونُ فى الشَهادةِ حتى أقولَ لا تختفى فى الغيبِ، مراوغةٌ كالسوائل.

وليلى رهيفةٌ كالورقِ الحائلِ، توشكُ أن تتكسّرَ لو لامستُها فى القميصِ الأبيضِ الذى يشفُّ – ولا يبينُ – عن مخملِ مرمرِها وعاجِ نهديها النافرين.

وليلى رائحتُها الوردُ والتبغُ، وصوتُها الإيماءُ، ونكهتُها الأسى، تكشفُ عن فخذيها حتى يوشكَ المستورُ أن يفتضحَ فى وضَحِ النهار، فترسل شعرَها المحلولَ، تغوينى بالتفاتتِها، فتأخذنى بساتينُ الأنوثةِ من بساتينِ الأنوثةِ؛ أنا الظمآنُ فى الرىِّ، والريّانُ فى الظَما.

وليلى ضجيجٌ لا يشوبُهُ الصمتُ، وصمتٌ لا يُعكِّرُهُ الضجيجُ، مرآويةٌ، أوشكُ أنْ أرى فيها ملامحَ وجهى كما ألقاهُ فى ماءِ البحيرةِ؛ أرانى فى دخيلتِها كحُلمٍ بين الصحوِ والإغماءِ، لا أدرى أأنا أنا أم أنا غيرى.

وليلى لا مباليةٌ، تتيهُ علىّ فى غنجِ الطفولةِ والأنوثةِ، تُبدى عُنّابَ تمنُّعِها، ثم تُمنِّينى بوصلٍ لا يحينُ موعدُهُ، وفى اللقاءِ تكونُ بعيدةً فى القربِ، فى مرمى يدى وإن شطحَتْ على بساطِ الريحِ صوبَ الصين.

وليلى مكتنزةُ الردفينِ، تسمحُ لى أن أداعبَها خفيفا، ثم حين يحطُّ الليل لا يبقى من الشهدِ المصفّى غيرُ أنفاسى التى فارتْ وما هدأَتْ، وحين يصيحُ ديكُ الفجرِ تقبلُ فى مواكبِها، تغنّى لى، فأطربُ، ثم تأخذُها البراقعُ والستائرُ، يحجبُها الحريرُ، أُدركُ أنها فى الغيمِ ترقُبُنى، وأنا فى الأرضِ أبحثُ عن ضفيرتِها.
 
Posted by Muhammad | Permalink |


2 Comments:


  • At Friday, April 12, 2013, Blogger نهى جمال

    هو أنا للحقيقة كنت أقرأ النص وأسمع أغنية كئيبة اسمها gafsa
    ل Natacha Atlas

    وعلى أخر النص المُغنية قالت " خلاص " شعرت أن النص هو الذي يقولها :)

    وعمومًا سي وديع دائمًا يؤكد أن "الحب لا تحلو نسائمه إلا إذا غنى الهوى ليلى "
    وهنا ليلى متعددةً والحب واحد
    جميل يا محمد :)

     
  • At Friday, April 12, 2013, Blogger Muhammad

    بل أنتِ الجميلة يا نهى بتعليقاتك الرشيقة تلك

    بس انا عندى سؤال. هى مش "خلاص" دى بتاعة شعبان عبد الرحيم؟

    يا بتاع وديع انت يا رايق :)

     

Post a Comment

~ back home