Thursday, March 28, 2013,17:29
رؤيا
أغرتْنى حميميةُ البُنِّىِّ فى حلمتيها المنتصبتينِ بتأثيرِ الشهوةِ المنسحبة – أغرتنى ببسمةِ الفرح. كنا عاريينِ، وكنا متعبين، وكانت إلى جوارى مُتثنّيَةً كموجةِ بحر. عرفنا الحبّ كما لم نعرفه من قبل، حتى أطفأْنا – كلٌّ فى ماءِ الآخرِ – ألسنةَ المرارة. انكشفْنا وتكشّفْنا، وصرنا فى لحظةِ الأورجازم إلى حالٍ من الاتحاد، بعد أن حللْتُ فى بدنها – حرفًا – كصوفىٍّ يفنى فى المعشوق. ذهلْنا عن الكونِ والزمن، وقاومْنا الموتَ بقذفِ الحياة، حتى لكأننا متمردَينِ فى ثورة.

صوت: الجنسُ ثورةٌ وتصوفٌ وانكشافٌ وتكشّف. الجنسُ طقسٌ ديونيسىٌّ يتأسسُ (وينتهى) فى الحبِّ والمغامرة. ولفتةُ الأنثى بالمباعدةِ بين فخذيها هى أرقى صورِ الهوسبيتاليتى – حفاوةِ الاستقبال.

صهلْتُ فحمحمَتْ. وارتعشَتْ حين مددْتُ يدى. سَرَى فى جلدِها الحسُّ حتى مسّ الروح. وهناك، عند التقاءِ الروحِ بالجسد، كنهرٍ فى فضاءِ المصب، كانت أسطورتُنا الممتزجةُ بالعَرَق. صعدْتُ وهبطتُ، وصعدْتُ وهبطتُ، ثم انقلبْنا، فغمرتْنى الموجةُ، وتركَتْ على بعضى أثرًا من بلل.

صوت: كلُّ جنسٍ لا يمورُ بالموسيقى لا يُعَوّل عليه. وكلُّ جنسٍ لا يتجاوزُ ذاتَه لا يُعَوّل عليه. الجنسُ قبولُ خلعِ الأقنعةِ أمامَ آخرَ يقبلُ بخلعِ أقنعتِه. عُريانِ مُندغمانِ فى عرىٍ واحدٍ يصّعّدُ بالتأوّه.

ظهرتِ الغجريةُ فى شعرِها المهوّشِ الذى اعتلاه غبارُ السنابك. غابةً كان، وكانتْ أصابعى ظِباءَ تسرحُ فى الرفاهِ والأمن. تحسسْتُ عينيها المغمضتين، فاختلجَتْ شفتاها فى أنينٍ مكتوم. عذبتُها باللذةِ حتى اختمرَتْ، وتكوّرَ كوبا ثدييها كرغيفينِ أنضجتْهما الرغبة. وحين مشيْتُ بأناملى – ارتحالا – فوق ردفِها المكتنـز، مالتْ يسارا، وكشفتْ – رويدًا – عن وردتِها فى تَفَتُّح. فمسَسْتُ.

صوت: الأورجازم رؤيا لا تقبضُ عليها اللغة. وكلما اتسعَتِ الرؤيا – يقولُ النفرىّ – ضاقتِ العبارة. الأورجازم أتونٌ تنصهرُ فيه اللذةُ والألم، والحياةُ والموت، والميلادُ والفناء، والحضورُ والغياب، والروحُ والبدن، والوجدانُ والحس، والفرحةُ والحزن، والمرارةُ والسُّكّر، والأنا والهو. الأورجازم عمقٌ ووفرة.

دفعتْنى، فاندفعْتُ. وفردَتْ ذراعىّ، فانفردْتُ. وضعَتِ الكفينِ على الكفين، وشبّكَتِ الأصابعَ، فانشبكْتُ. غمرتْنى، فانغمرْتُ. وكانت فاعلا، فانفعلْتُ. كنا – توازيًا وتواليًا – فاعلا، ومفعولا به، ومفعولا فيه، ومفعولا معه، ومفعولا لأجله. كنا مفعولا مطلقًا مؤكدًا للفعل. كنا الحروفَ، وكنا القواعدَ، وكنا اللغة.

صوت: تواصلُ الجنسِ لا يُحتاجُ معه إلى بيان؛ فبيانُه فيه، وبيانُه هو. وهو جدلىٌّ يخضعُ لتبادلِ التأثيرِ والتأثر، حتى الذروةِ التى تحصلُ عند كاملِ الاندماج، وبالاندماجِ تنتجُ طاقةٌ، وينتجُ مركّبٌ يحتوى على (ويتجاوز) الكيانين.

وضعَتْ قدمًا على قدمٍ، ونظرَتْ إلى السقف. وإلى جوارِها كنتُ مضطجعًا على يمينى، ساندًا خدى إلى الكف. تأملتُها كحلمٍ مراوغٍ، وانعقدَ لسانى، فاتشحْتُ بالصمت. أمررْتُ طرفَ سبابتى فى عريها، وكأننى أخترعُ تشكيلاتٍ وتهاويم. رسمْتُ نهرًا يجرى من الشفتينِ إلى أسفلِ البطن. رسمْتُ وردتين على القُبّتين. رسمْتُ فراشةً وقطتينِ طفلتينِ متداخلتين. رسمتُ حقولا من برسيمٍ وقمح. صارتْ واديًا – غيرَ مأهولٍ – من زرع، وكنتُ شريدًا لا وطنَ لى، فحللتُ فيه، وانحللْتُ. وسكنتُ فيه، واستكنْت.
 
Posted by Muhammad | Permalink |


12 Comments:


Post a Comment

~ back home