Saturday, January 19, 2013,09:57
فى الثلاثين .. أسئلة ومشاريع - الثامنة
إذًا. كل مساء بعد منتصف الليل. أطعمة تحل وترحل، مع الثبات الدائم للوجبة الأساس: جبن ولانشون وشرائح البطاطس. وعلى الشاشة، الحلقات المعتادة لـ "راجل وست ستات". وأنا وحدى.

هكذا يتم الأمر فى عَشاء كل ليلة بلا ملل، وبلا رغبة فى التغيير إلى حد لافت. الشىء الذى قد يبدو بحاجة إلى تفسير (لا أملكه)، لكنه مما يثير الانتباه.

ولطول إلف الحلقات نما ما يشبه العِشرة بينى وبين أفراد أسرة "عادل سعيد"، إلى الحد الذى صرت معه أكثر قدرة على تفهمهم وتوقعهم وملاحظة ما يمر مرور الكرام من سماتهم، حتى استفحل الأمر فصار لى فى هذه الكوميديا ما يشبه التأملات، خصوصا فى تلك اللحظات التى يصبح فيها الذهن أكثر اتقادا ومضاءً ولماحية، أو فى الأخرى التى نهجم فيها على الأشياء هجوما مباشرا، ربما دون وساطةٍ من عقل.

من ذلك – مثلا – سؤالُ: هل يتألف الكل من مجرد مجموع الأجزاء، حين يسهم كلُّ جزء – فى الكل – بمقداره، أم يتخذ الكل خصائصَ ربما لا تتوافر فى أىٍّ من الأجزاء، بعد أن يصبح مركبا واحدا له خصائصه المميزة؟ والدافع إلى السؤال كان انسحابَ "رمزى" (سامح حسين) من الحلقات، ليأتى انسحابُه (الجزء) تقويضًا لثنائية رمزى/عادل (الكل) من الأساس، فتكون الخسارةُ كاملةً لا مجردَ نصفِ خسارة!

أما فى الأيام التى تشتد فيها الحياة حد القسوة، فينتابنى نزوع إلى أن أكون "رمزى" (بوصفه براءة غفلا)، نافيا عن الملمات موضوعيتها، ومُرجعا الأمر برمته إلى الوعى المدرِك للملمات، وقديما قالوا إن أخا الجهالةِ فى الشقاوةِ ينعمُ.

فى إحدى الحلقات، يقوم "عادل" – كعادته – بتسريح "رمزى" من العمل، ثم لسبب – لا حاجة لذكره – يعود "عادل" لاسترضائه واستعادته. يدخل "رمزى" إلى شقة "عادل" وفى يده كل ما يحمله من هذا العالم: فِراش، ووسادة، ومَلبس بديل. هكذا، بهذه البساطة يحقق "رمزى" طموحَ "ريان بينجهام" (جورج كلونى) فى "عاليا فى الهواء"، بعد أن أفرغ من حقيبة ظهره كلّ شىء خلا فراشٍ ووسادةٍ وملبسٍ بديل. كن خفيفا.

وهو ما يعود ليؤكده غير مرة – واعيا أو غير واع؛ فحين تنـزل بـ "عادل" نائبة، يهرع "رمزى" إلى تخفيف حدتها إلى الحد الأدنى: "مزاجك مكركر ليه يا دُولة! ... ماحنا بناكل وبنشرب يا عم". وليت الأمور تكون – دائما – بهذا الـيُسر.
 
Posted by Muhammad | Permalink |


2 Comments:


Post a Comment

~ back home