Sunday, January 06, 2013,17:25
هذا المساء أريد أن أتكلم
مُفتتح: كلُّ إهابةٍ تجرى إلى البحر، والبحرُ ليس بمُبال.

( 1 )

"أحببتكِ مثلما لم يحبّكِ أحد، ومثلما لن يحبّكِ أحد". عندى من الثقة (والدوجمائية) ما يكفى لتقرير هذا، واعتبارِه حقيقة. أحببتِنى؟ أعتقد ذلك. أحببتِنى بما يكفى؟ لستُ أدرى. أحببتِنى كما أحببتك؟ أقطع بالنفى. والآن ...

الآن بعد أن أدرتِ الظهر، وفككتِ القيدَ عن المعصم. بعد أن راح القاسى الوغدُ الذى سبّبَ البكاءات، وبعد أن سقطتْ عن رأسه الهالةُ القديمة*، صرتِ أقربَ إلى السعادة منا إليها معا؟

لا تضيّـقى العينين وقد اعتلتْ شفتاك ابتسامةُ ترفّعٍ وتهكم، قائلةً فى نفسِك: دعى الطفلَ يلهو، فإن فى المشهد من عناصر التهكم ما يكفى دون لمساتٍ وإضافات. انظرى للقصة من خارج، وللأمر بكليّته من عَلٍ، ثم أخبرى السائلَ: هل تكفى كلُّ التبريرات مسوغًا للقطيعة؟ وكنتِ قد وعدتِنى – فى آخر اللقاءاتِ – بنزهة الجبل. تلك المستحيلة التى لم تتحقق قط.

( 2 )

سؤالُها الأثير: تختفى بلا سبب، وتعاود الظهورَ بلا سبب.

سؤالٌ لم أجبْه لبداهته. أختفى بالكبرياء، وأعاودُ بالحنين. الحنينِ الذى ضربتنى موجاتُه فتكسرَتْ على الظهر – منى – والكتفين (والقلب)، بينا ظل منحسرا عن شواطئها منذ وعدِ نزهةِ الجبل. (تلك المستحيلة التى لم تتحقق). قاتلكَ الله أيها الحنين!

قالت صديقة: إنها لن تعودَ – أبدًا – إلى رؤيتك على النحو الذى انقضى. قالت صديقة: إن الهالةَ – إذ تسقطُ – لا تعود. قالت صديقة: إنك لن تفهمَ هذا الشىءَ – فى النساء – أبدا. وقالت صديقة: لن تعرف التجاوزَ طالما تعاملها كنقطة ضعف.

كنتُ لتكرار الرجوع قد تقبلتها – فى حياتى – كنقطةِ ضعف؛ ربما تسكينًا لإهابات الكبرياء هضيمةِ الحق. لكنْ مثلما ذهبَتْ كلُّ إهاباتى لها سدى، ذهبَتْ كلُّ إهاباتِ الكبرياء لى سدى، حتى توقفْت.

والسؤالُ المحير: كيف لم تنتبْها – على مدى الأيام المتطاولات – لحظةُ ضعفٍ واحدة؟ لحظةُ ضعفٍ مما ينتاب كلَّ البشر – طويلِهم وقصيرِهم، سمينِهم ونحيفِهم، أبيضِهم وأسودِهم؟ لحظةُ ضعف!

( 3 )

الآن بعد أن كففتُ عن معاودةِ الظهور، صارت الحياةُ أكثرَ هدوءًا وهناءة؟ صرتِ أكثرَ ارتياحا بموتِ القاسى الوغدِ الذى سبّبَ البكاءات؟ والسعادة: صرتِ أقربَ إليها وحدَك (أو بصحبةِ آخرَ) مما كنا إليها معا؟


* تلك التى أشار إليها بهاء طاهر فى "قالت ضحى" على لسان الإيطالية.
 
Posted by Muhammad | Permalink |


0 Comments:


Post a Comment

~ back home