Tuesday, March 15, 2011,04:03
الاستقرار والحرية .. معا

لم أحسم أمرى بعد بشأن الاستفتاء المزمع عقده ، وإن كنت أمْيَلَ إلى الرفض منى إلى القبول . ليس من جديد يمكننى طرحه ، فقد قيل أغلب ما يمكن قوله عن دواعى الرفض . لست أيضا ممن يؤيدون بقاء العسكر طويلا فى سدة الحكم ، لكن أصداء المقولة البارزة التى حاول عمر سليمان إرهابنا بها ما زالت تطن فى رجع المواقف ، حين طرح خيارين لا ثالث لهما " الحوار .. أو الانقلاب " . الثنائية نفسها التى لعب عليها أنصار الرئيس الراحل حين خيرونا بين " الاستقرار " الذى يُترجم عمليا ببقاء مبارك رئيسا ، أو الفوضى التى تعنى الاستمرار فى الثورة . ثم تجليها فى حالة الداخلية وقصة رجوعها إلى الشارع ، فإما العودة على شروطهم ( على قديمه ) ، أو اللاعودة . واليوم تظهر الثنائية عينها فى التعديلات ، فإما القبول أو النفق المظلم . لاحظوا أنها نفس الثنائية التى طرحها سيف الإسلام القذافى فى خطابه الشهير ، فإما بقاء الأخ العقيد قائدا ، أو " انسوا البترول والتعليم والصحة وهلم جرا " .

لم أحسم أمرى بعد بشأن الاستفتاء المزمع عقده ، لكننى أرفض هذه الثنائية جملة وتفصيلا ، فلا معنى لديمقراطية استفتاء لا خيار فيه - عمليا - سوى القبول . وهو ما يعنى افتقاد المجلس العسكرى لرؤية وخطة زمنية وبدائل يتم تطبيقها حال الرفض . فيشير البعض - على طريقة نجل القذافى - أن بديل القبول هو نفاد صبر العسكر ، أو احتمالية بقائهم الدائم - لا المؤقت - فى سدة الحكم ، ناهيك عن غير ذلك من كوارث تنتظرنا - طبقا لهم - لو لم نصوت بـ " نعم " . أقول ولو صح ذلك فليس الخطأ خطأ من يقول " لا " ، بل خطأ من يطرحون تعديلات لا يريدون منا سوى موافقتها ، رغم أنها لا تلبى سوى الحد الأدنى - وأحيانا دون ذلك - من الطموحات ، حتى بوصفها تعديلات مرحلية لاجتياز الفترة الانتقالية ، ليصير الأمرُ برمته محضَ عبث .

ارتحت - خلافا للكثيرين - حين أعلن المجلس العسكرى عزمه نقل السلطة للمدنيين خلال ستة أشهر ، ارتحت - ابتداءً - لقصر المدة ، فوجود العسكر فى هذا الموقع مما لا يرضينى بحال ، وليس هذا من باب الطعن فى المجلس الذى أختلف مع بعض سياساته وسرعته فى اتخاذ القرار .. ليس طعنا فأنا ممن يصفون قواتنا المسلحة " بالوطنية " رغم كل تحفظ قد نبديه حتى على أسلوب إدارة الجيش ذاته ، وقد خدمت فيه ، وسأقدم للجيش تحية شكر بعد انتهاء مهمته وعودته إلى الوحدات والثكنات .. أقول ليس طعنا ولكنه إدراك أن المكان الطبيعى للعسكر ليس كرسى السلطة . وأعود فأقول ولكن الرافضين للتعديلات يطرحون بدائل لاستمرار الجيش حاكما ، فعلام تخويف الرافضين ؟ ثم أعود لأكرر : ما معنى ديمقراطية استفتاء لا خيار فيه - عمليا - سوى القبول ؟!

إن ميزة الثورة فى ثباتها على المطالب دون تنازلات ، ولو كانت حركة تنازلات لكان مبارك الآن رئيسا لمصر يكمل مدته . أنا أمْيَلُ إلى الرفض منى إلى القبول إيمانا بالحفاظ على سقف المطالب لا أرضيتها .. وهو الأسلوب الذى آتى أُكُلَه حتى الآن . كان الحفاظُ على سقف المطالب فرحل مبارك ، وكان الحفاظُ فرحل شفيق وأخوته ...

بعيدا عن التعديلات التى أقبل منها نصوصا وأرفضُ شأن أغلب من أعرف من مصريين ، أنا أمْيَلُ إلى رفض المبدأ ذاته تطلعا إلى دستور جديد يُصاغ " الآن " ، لا " فيما بعد " .. فقد سئمت الفيما بعديّات ، كما أنى أتخوفها .

لم أحسم أمرى بعد بشأن الاستفتاء المزمع عقده ، فأسأل اللهَ - لى ولكم - السداد .

 
Posted by Muhammad | Permalink |


0 Comments:


Post a Comment

~ back home