Friday, June 28, 2013,09:22
المُكاتبات - العاشرة
كأن الذى عن شِمالى ما كان النيل. كأن التى عن يمينى ما كانت بائعةَ الوردِ الأحمر. كأن الذى خلفى ما كان القمر. وكأنكِ وحدكِ كنتِ هناك فى اتساعِ المدى؛ عيناكِ غابتا نخيلٍ ساعةَ السحر.

عيناكِ حضنان خجلانان، وأصابعُكِ رقة. وإذ تَحْدِقيننى تُسمِّريننى فى الحب، ولو صبر الناظرُ على المنظورِ لماتَ – فى العشقِ – وحده. فسلامٌ على المحبين – لخاطرِكِ – من لدن آدمَ إلى أن يرثَ اللهُ الأرضَ، ومن أحبوها، ومن أحبوا عليها. وسلامٌ على درويشَ وحمامِهِ وفاكهتِهِ وخاصرتِهِ النازفة. وسلامٌ عليكِ يا قمرَ العواصمِ/قمرى.

فاصل: وأنتِ الملاكُ الذى حين حطّ بقلبى تنهنهَ فيه الغرام
وأورقَ فيه الكلام
فأنبتَ بينى وبينكِ شاىَ الفانيليا
وفيروزَ فى الأغنيات

وأود لو أتغزلُ فيكِ فى انبساطٍ وتبسّط، لو أسميكِ واحةً ومرفأً وتعريشةَ عنبٍ وأقحوانةً وتبغًا، غير أنى كلما هممتُ بالكتابةِ (فيكِ) فاضَ لهفى فأزاحَ من مجراه ما وجد، فطوبى للأثيوبيين بناةِ السدودِ؛ لأن بمقدورهم حجبَ فيضاناتِ التشوّق.

وفاصل: وأنتِ الملاكُ الذى حين حطّ بقلبى تورّدَ بالأمنياتِ
ونقّرَ فيه اليمام
فباحَ بمكنونِ سرِّى إليكِ
ووضّأ دمَهُ على شفتيكِ
وما خافَ فيك الملام

وطِيبتُكِ حاضرةٌ فى المواقفِ اختلافًا وتآلفًا؛ تغضبينَ لألفِ كلمةٍ، وترضينَ لكلمة. وطيبتُكِ جوهرٌ لا يزيلُهُ عَرَضٌ من انفعالٍ أو صدودٍ أو سياسة. وطيبتُكِ هبةٌ لا تكَسّبٌ؛ فلا حيلةَ لك – وإن أردتِ – فى دفعِ ذلك. وطيبتُكِ حياءٌ، وحياؤُكِ طِيبة.

وأنتِ نصّ مُرجأُ المعنى، لا نهائىّ الدلالةِ، مُنفتحٌ على أفقِ التأويل. تبسمينَ لى وتغازليننى وتداعبيننى فأظنّ قربَ امتلاكِ الحقيقة، وأجهدُ فى ملءِ الفجواتِ والشقوقِ، ثم تراوغيننى وتتفلّتينَ منى، رغم ظهورِ الحضور، وحضورِ الظهور؛ أنتِ حاضرةٌ أبدًا، وغائبةٌ أبدًا؛ أنتِ احتمالٌ لا يقينٌ؛ أنتِ سفرٌ لا وصولٌ؛ وأنا عائدٌ – أبدًا – فى خيبةِ المسعى، فى انتظارِ قراءةٍ جديدةٍ، [وكلّ قراءةٍ إساءةُ قراءة]، غيرَ أنى صابرٌ حتى قدومِ الموعدِ (الذى لا يجىءُ) وعاشقٌ ووفىّ.

وإنجيلُنا:
 
Posted by Muhammad | Permalink |


10 Comments:


Post a Comment

~ back home