اللهمَّ أرجعْ كلَّ حبيبٍ لحبيبِه .. أو أرحْ كلَّ حبيبٍ من حبيبِه
الصديق الكويتى/ غازى فيصل
صباح بلا صباح . ليل ممتد ودمى متخبطة . وصفحة – أمام العين – رمادية بلا نهاية . أسقط من علٍ فتتلقفنى الحياة وتمارس معى الجنس الملعون . تتلذذ بى فى كل أوضاع الكاماسوترا ، وأنا المؤنث فى العلاقة .
للحياة ألف قضيب ولى مهبل واحد .. آه كم أنت وحيد يا مهبلى الواحد .. للحياة ألف قضيب ولى مهبل واحد ، فكيف يتسع لكل هذا الوخز؟
ثم مالى لا أستشعر نشوة الجماع؟!
أعقاب السجائر نساء تتلوى فى المنفضة إغواءً للّفافة المشتعلة ، والدخان – كالألم – خيطه لا يتقطع . فسحة الراحة وهم وسأضاجع اللفافة من دبرها حتى تلفظ آخر الأنفاس .. آه كم أنت وحيد يا دبر اللفافة . تماما كمهبلى وحيد .
لم يعد فى كوب الشاى سوى "الهَبابة" المترسبة فى قاع وحدته . أى رحلة قطعتْ أوراقُ الشاى لتصل إلىّ فى هذه الظلمة؟ أى عناء وجودى تحملتْه لترقد الآن مذعنة فى قاع الكوب؟ ربما بكت حزنا لحظة القطف حتى غادرها الأخضر .. ربما اسودت حين لسعتها حرارة الشمس – التى لا تشرق أبدا – حتى جف منها الحنين . آه كم أنت وحيدة يا "هَبابة" الشاى المترسبة فى قاع قلبى ، ولا شىء يشبه وحدتك سوى مهبلى الواحد ودبر اللفافة .. وقلوب البشر .
وجــــه
لم يكن توتو شيئا فى ذلك الوقت . لم يكن قد أصبح المخرج الذى سيكونه - انطلاقا من العاصمة - فيما بعد .
كان مجرد يتيم ذهب والده إلى الحرب ولم يعد أبدا ، فرفضت أمه تصديق ذلك وعاشت فى أمل الانتظار (أو يأسه) . خرط الصبىَّ خراطُ الرجال فوقعت عيناه على إلينا .
لما وقعت عينا الصبى - الذى خرطه خراط الرجال - على إلينا ، أدرك أنها حبُّ العمر .
ولما وقعت عينا الصبى - الذى خرطه خراط الرجال - على إلينا ، بادلته حبا بحب .
ولما وقعت عينا الصبى - الذى خرطه خراط الرجال - على إلينا ، وبادلته حبا بحب ، جاء دور الأهل .
تدخّل الأب الثرى بمحاولاته للحيلولة بين الذى .. وبين التى .. ولما لم يجد فى ذلك نفعا ، كان أن رحل بالفتاة ، ليظل الذى .. على العهد (دون زواج) لباقى العمر ، رغم علاقاته النسائية (والجسد لا يفهم هذا النوع من الوفاء فيهب مطالبا بحقوقه) التى نستنتج تعددها من أحداث فيلم تورناتورى الجميل .. سينما باراديزو الجديدة .
وجــــه
نصف قرن بلا يأس . لم يستغرق الأمر فى حساب الزمان سوى نظرة كانت كافية لتحويل مجرى حياة عامل التلغراف إلى الأبد . أشرق قلبه بالحب فأشرقت ، لكن قلبها لما عاود الغروب (وقلوب النساء كثيرا ما تعاود الغروب) كانت شمسه - كالكون - آخذة فى التمدد حتى ابتلعته . تعددت علاقات فلورينتينو اريثا فصار فاتحا وميدانه الفراش . تنقّل بين أحضان النساء فلبس من جلودهن عباءة وبنى أهراما من الحلمات ، لكن شبح حديقة البشارة الذى كان يعزف فالس الحب لفيرمينا داثا لم يفلح (ولم يرغب) فى نسيان ربته المتوجة .
لم أستشعر "حقدا" تجاه شخصية روائية من قبل كالذى استشعرته تجاه فيرمينا داثا . ذكرتنى بأخرى لم تفلح قط فى تمييز الحد الفاصل بين الكبرياء والكبر مهما كانت طبيعة الموقف . لكن كل شعور قد زال مع الصفحات الأخيرة لرواية ماركيز العظيمة .. الحب فى زمن الكوليرا .. ليحل محله سمو صوفى ونبل وسلام لمرآهما على متن سفينة فى نهر . ولم يخِبْ - كما يقترح عنوان إحدى مسرحيات شكسبير - سعىُ العشاق .. وإن استلزم الأمر لحدوثه نصفَ قرن .
وجــــه
وحده "سيد أوبرا" الذى أفلح فى القبض على آخر حبات رمال العمر المنسربة - أمام العين - من بين الأصابع ، حين قرر - ذات صحو - أن يلقى بهاتفه فى البحر .
كان "سيد" معلقا بهاتفه حد الهوس فى انتظار مكالمة - لم تأتِ قط - من "منى" التى راحت وتزوجت وأنجبت . وحين علم بعودتها إلى الإسكندرية ، كان يطوف ليلا أمام بيتها القديم لعله - كعادة العشاق - يرى الوجه المحفور على جدار القلب (وداخل حجراته) .
لم تظهر "منى" . ولم تتصل "منى" . ليقرر "سيد" استئناف الرحلة مع حب جديد .. "عايدة" . وشاهدوا - إن شئتم - أوبرا عايدة لأحمد صقر .