Sunday, March 16, 2008,10:25
بَوْح

مفتتح: ....ـا..، أخبري مَن عن هوانا سائلٌ ... أن هذا القلبَ محتاجٌ لنبضِ

قال: صحبتَني فكنتَ خيرَ صحبة. وأخذتَ عني فكنتَ خيرَ مُريد. ربّيناك فينا صبياً فلبثتَ في الطريقةِ من عُمُرك سنين. وأخذنا بيدك فانتهيتَ عن العالمين. عرفتَ البوادهَ والطوالعَ، واللوائحَ واللوامعَ، حتى استقر فيك اليقينُ، وبلغتَ التمكينَ بعد التلوين. ترقّيتَ في المقاماتِ فنحُلَ بدنُك. وواتتْكَ الفتوحاتُ فازدادَ وجدُك وشجنُك. أكرِمْ بمَن تبِعنا فصَمتَ صيانةً للعهد. ومَن شاهدَ فسكتَ تأديةً لحقِّ الوُد.

قال ادنُ مني، فدنوت.
قال ادنُ مني، فاستعبرتُ وأَجْهشتُ وبكيت.
قال بَعُدَ سفرُ الطالبين، وقَلَّ زادُهم. واستوحشَ عليهمُ الطريقُ فلم يُسعفْهم عَتادُهم.
ثم مَرَّ بأصابعه فوق رأسي وقال – (وله نشيج) – : ولي كبدٌ مقروحةٌ من يبيعني ... بها كبداً ليست بذاتِ قروحِ. أباها عليَّ الناسُ لا يشترونها ... ومن يشتري ذا علةٍ بصحيحِ

قال: ألم تعدْ تستطيعُ معي صبرا؟
قلتُ: بلى
قال: فما لصدرك يئزُّ كمِرْجَل؟


ما أجبت به الشيخ

يا رعاكَ اللهُ يا إمام. علاقتي محكومةٌ بالمسافة. بينيَ ومحبوبي سبعُ بحارٍ وسبعُ صحارى. وأنا لا ناقةَ لي ولم أركبْ سفينة. أجهدني السفرُ، وأتعبني البعدُ فالإمعانُ فيه. حتى إذا ما حطَطْتُ الرحلَ وأوشكتْ شفتايَ أن تلامسَ الكاسَ، انتزعها الساقي وأوصدَ دونيَ الأبواب. ما أقصرَ عُرسَ الأفراحِ – يا شيخي – وما أقسى الحان.

ألقاهُ مُقْبلاً كأنيَ لا أجدُ ما أجدُ حتى يُفضَّ السامر. وأكتمُ دمعاً صوفيّاً من خلائقِهِ الكبرُ مخافةَ لومِ الخلائق. لكنني إذ يجنَّ الليلُ ويخلو الحبيبُ إلى حبيبهِ أتوحد. أبسطُ يدَ الهوى وأُكفكفُ دمعي بخِرقتي التي تحمل اسمي ووَسْمي ووَصْمي. ثوبُ صبري منخرقٌ - وايْم اللهِ - لكن أرقِّعُه.
فإذا ما أشرقَت الشمسُ الحزينةُ على وجهي الممتقعِ الأسْيانِ، خرجتُ إليكم باشَّاً، وتدثّرتُ بصمتي وعينيّ المسبلتينِ كمَن يوشكُ على الإغماء. لا إعياءً بل وَجْدا. لم يعدْ نهرٌ يغسلُ – يا شيخي - الجروحَ، ولا شربةٌ تمسكُ الروح .. لا منزلٌ، لا مُقام.
فعلى العاشقين السلام. والسلامُ على مَن أقام.

 
Posted by Muhammad | Permalink |


4 Comments:


Post a Comment

~ back home