مفتتح: قالت: لا تكن سبباً في حزني كما لن أكون سببا في حزنك. هو قادمٌ فلا تتعجّلْه. بل دع الواحدَ منّا يتقوّى بالآخرِ على ما تجيء به الدنيا والأيام.
قالت، وليتني سمعت النداء.
إلى مَن آزرتْ إذ غدروا، وطبَّبتْ إذ طعنوا.
إلى مَن كفكفتْ إذ أبكوا، وهدهدتْ إذ أدموا.
إلى مَن ابتسمتْ إذ عبسوا، وترفّقتْ إذ اشتدّوا.
إلى مَن حنّتْ إذ قسوا، وضمّتْ إذ أبعدوا.
إلى مَن كانتْ لي وردةً، فكنتُ لها سكينا.
إلى مَن كانتْ لي صيفاً، فكنتُ لها صقيعا.
إلى مَن احتملتْ حمقي وطيشي ونزقي وغضبي.
إلى مَن قلّمت الأظافرَ، ورتّبت الدفاتر.
إلى مَن قستْ في وداعة، وودعتْ في قساوة.
إلى مَن رقّتْ فقرُبَ دمعُها، ولانتْ فسهلَ صلحُها.
إلى مَن أعملتْ معولَها في صخرِ سلبي فبشّرَ بالإيجاب.
إلى مَن فتحتْ أمامي عوالمَ بكراً لم أخضْها من قبل.
إلى مَن نقلتني إلى مدنِ الأحياء ( وكنتُ قبلها أثوي في الشطِّ المهجور).
إلى مَن منحتْني بسمةً مدهشة ودَهِشَة.
إلى مَن أهدتْني جدائلَ ورموشاً وعطرا.
إلى مَن قدّمتْ لي أنثى على طبقٍ من حُبٍّ أزرق.
إلى مَن عرفها القلبُ فطرب، وشافتها العينُ فلمعت.
إلى مَن سمعتْها الأذنُ فتراقصت، ولمستها الأصابعُ فارتعشت.
إلى مَن تعلّمتُ معها ولها أن جمالَ الحبِّ في بساطته، وأن طقوسَ المحبين بسماتٌ وربتاتٌ وورودٌ وأغان.
إلى مَن لوّنتُ معها ولها وبها الأيام.
إلى الرقيقةِ كَطفل .. الناعمةِ كَمخمل .. الرشيقةِ كَلحن .. الدافئةِ كَقلب .. الراقصةِ كَضوء .. العبقةِ كَتبغ .. المتدفقةِ حياةً كَنهر .. المتهدجةِ كَشِعر .. المتطلعةِ كَفجر .. الثائرةِ كَبحر .. الهادئةِ كنبض .. المشعشعةِ كَخمر .. الخصبةِ كَحقل .. المشرقةِ كَقمح .. الغضّةِ كَندى .. المنعشةِ كَفَوَّار .. الصحوةِ كَنعناع .. الطّيّبةِ كَشيكولاتة .. الحلوةِ كَسكّر .. الحميمةِ كِحُب.
إلى العزيزِ ... تحية.