Wednesday, September 26, 2012,06:08
فى الثلاثين .. أسئلة ومشاريع - الأولى
فى العشرينات تلح الأسئلة، وفى الثلاثينات تجد نفسك مدفوعا – بقوة – للبحث عن إجابات. تنشط الجرثومة فيزداد شغف المعرفة، ويقل الاتصال بالواقع – إلا من حيث كونه موضوعا لعمل الوعى، رغم تطلب المرحلة – عمليا – ضد ذلك. الاتجاه – مباشرة – نحو الذات عرَضٌ ثلاثينى آخر.

أستشعر شيئا من التغير: أطراف خيوط عدة قد تقود – جميعها – عند الأطراف المقابلة إلى الاتحاد فى نفس النقطة، حيث الرؤية التى قد يطمئن لها المرء فى الأربعينات (بداية الحكمة)، ويعمل على تطويرها وتعديلها – حذفا و/أو إضافة – فيما يتبقى من أيام العمر. كل ذلك مشروط باستمرار تدفق الزمن فى ديمومته.
[نحن ديمومة يندفع الماضى فيها إلى الأمام، بلا حد فاصل بينه وبين الحاضر والمستقبل. نحن ديمومة، والديمومة تغير. وكل نهر يجرى إلى البحر، وجريانه صيرورة.]

لا أتساءل فى الحاضر – الذى يتحرك دُبُرا وقُبُلا فى آن – عن طبيعة الإيمان، بل تشغلنى كيفية حدوثه، لو صح أنه يحدث، وليس أنه أصيل فى الذات. لستُ ممن يرتكزون – بثقلهم – على العقل وحده ... هذا إن لم أخرجه – ابتداء – من ساحة المغامرة. وأحسب أننى سأعرج على نظرية المعرفة، وكيركجارد، وبرجسون، والغزالى ... وقبل كل ذلك على طرف مما كتبه أئمة السلفية فى المسألة، رغم جهلى بمربع البدء.

تراودنى فكرة العدالة الاجتماعية عن نفسى حتى أشتط – حينا – فأسمى الملكية الفردية أصلَ كل الشرور، وأشتط – حينا – فأضع أحداث يناير موضع المساءلة: هل كان ما عشناه ثورة بالفعل؟ وهل يوسم الحدث بالثورة دون إحداث تغير جذرى فى نظام الملكية؟ وقبل ذلك: هل وُجد حس التغيير عند المنتفضين، أم جاءت تونس لتعجّل بالولادة، التى توافرت شروطها الموضوعية (بينما الذاتية محل نظر!)؟ وهل طمحت القصةُ – كلها – إلى أكثر من المطالبة بتحسين شروط الاضطهاد، والمشاركة فى امتيازات المضطهِد، والبحث عن تكامل أكثر اكتمالا؟

يعنُّ لى ارتباطُ المجتمع بالثبات، ومقاومتُه الدينامية. يسعى – حثيثا – إلى قهرك، وحدِّ حركتك، والتسلط عليك، إبقاءً على ذاته. لا مجال – عنده – للخروج عن التخم المرسوم. خروجُك تسويغٌ للبطش. خروجُك موت. المجتمع كبتٌ، وخنقٌ، ووأد.

هل تتفاضل الحضارات؟ وهل للغرب مزية على ما اصطلح على تسميته بالمجتمعات البدائية؟ أحتاج إلى كثير من الأنثروبولوجيا، وأحتاج إلى التوسع فى قراءة شتراوس.

وبالتوازى مع كل ذلك: الأدب، ونظريات النقد، والحب الأول .. الشعر.

ثم أنظـر – فى الثلاثيـن – إلى ما حصّلت من علوم القـرآن، والحديـث، والأصـول، والفقـه، والسيـرة، والتاريـخ – وأنا الذى يحتل الفكر الدينى فى حياتى ما يحتل – فآسفُ للحصيلة!

السادسة صباحا. عقل مجهد. وروح متعبة.

وسؤال: هل تسعفنى الحياة – وقتا وجهدا ومالا – للوصول إلى إجابات الأسئلة المقلقة، والسير – شوطا – على درب المشاريع الأكثر إلحاحا؟

وأخيرا: المسألة الدرويشية/الهاملتية المراوِحة بين "على هذه الأرض ما يستحق الحياة"، و "إذ من تراه قادرا على تحمل السياط والإذلال من يد الزمان ... إن كان يستطيع حسم الأمر بالخنجر لا أكثر ... لو لم أكن أخاف ما يكون بعد الموت"!

ستار
 
Posted by Muhammad | Permalink | 2 comments